نواف الزرو
هذا الانفلات العنصري" الابرتهايدي" الإرهابي المجنون الذي تابعناه مؤخرا في ام الفحم الفلسطينية لم يكن عفويا او لمرة واحدة او بمبادرة انفرادية من أقطاب اليمين الصهيوني المتشدد مارزيل وبن غفير وغيرهما، بل كان انقضاضا عنصريا فاشيا برعاية سلطوية كاملة وبحماية قوات الامن الإسرائيلية، بل "أن قادة اليمين المتطرف قرروا تنظيم مسيرات مماثلة في مدن عربية أخرى، كما أعلن عن النية لتشكيل طواقم خاصة لمتابعة القرى والمدن العربية، لإصدار تقارير منتظمة تتابع ما أسموه البناء غير القانوني والتماثل مع منظمات إرهابية. وذلك ليس عبثا - فهم كمؤسسة وأحزاب وتنظيمات وهيئات صهيونية مختلفة تعمل على مدار الساعة من اجل تهويد الزمكان الفلسطيني تهويدا شاملا، ويعتمدون في ذلك"سياسات التطهير العرقي" التي لم يتوقفوا عنها منذ احتلال واغتصاب فلسطين. فالذي يجري هناك في فلسطين المحتلة 48 يحمل كل هذه المعاني بتداعياتها المختلفة...، والذي يجري على امتداد مساحة الضفة الغربية من اعتداءات محمومة يشنها المستعمرون بحماية الجيش ينطوي ايضا على كل هذه المعاني بتداعياتها الاجرامية على الارض... * سفور العنصرية في ظل هذا المشهد قررت لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية داخل فلسطين - 48، إحياء الذكرى الثالثة والثلاثين ليوم الأرض الفلسطيني، تحت عنوان "لا للعنصرية"، وذلك إزاء تنامي التطرف وسفور وجه العنصرية الإسرائيلية التي باتت تحظى بكامل الشرعية في الخارطة السياسية الإسرائيلية وأصبحت في مركزها بعد أن كانت قبل سنوات على هامشها. في هذا الصدد تحديدا كشف تقرير أعده "مركز مساواة" ارتفاع حالات التمييز ضد العرب في داخل الكيان الإسرائيلي خلال عام 2008 بنسبة %150، ويشير التقرير الذي عرض خلال مؤتمر مكافحة العنصرية عقد في مدينة عكا بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنصرية إلى" تصاعد حالات التمييز من 166 حالة عام 2007 إلى حوالي 270 حالة في 2008. وقال د. جمال زحالقة"إن هذا السفور يسهل علينا محاربة العنصرية الإسرائيلية"، وأضاف أن ما يسمى باليسار ليس أقل عنصرية من نتنياهو وليبرمان، ولكن الأخيرين لا يخفيانها بمساحيق تجميل، مما يسهل علينا تعريتها وفضحها"، واضاف: ملقى على عاتق الجماهير العربية داخل الخط الأخضر مهمة أساسية - أن ترفع صوتها عاليا مدويا، وسيكون لهذا الصوت صدى إقليميا ودوليا. وإذا لم تخرج الجماهير العربية بصوت واحد ضد هذه السياسات ستستسهل بعض الدول الإقليمية استقبال ليبرمان ونتنياهو، وتابع: إن بنود الاتفاق الائتلافي بين ليبرمان ونتنياهو موجهة بمعظمها ضد هذه الجماهير، والاهم أنها تعتبر شرعنة للعنصرية، وهذه فرصة لفضح تلك السياسات والممارسات العنصرية بشكل جلي لا يقبل التأويل". * جذوة يوم الأرض تقرر في الاجتماع تنظيم نشاطين مركزيين في يوم الأرض، في كفر كنا ودير حنا، والدعوة إلى تشجيع وتبني النشاطات المحلية، كما تقرر إصدار نشرة خاصة عن يوم الأرض توزع على طلاب المدارس والمعاهد العليا، لإبقاء جذوة يوم الأرض مشتعلة من جيل إلى جيل، وقررت اللجنة إرسال مذكرة خاصة للديبلوماسيين وللمؤسسات الحقوقية لفضح الممارسات العنصرية الإسرائيلية وسياسات التمييز التي تنتهجها. وقال عوض عبد الفتاح، "للتوضيح.. ليس ليبرمان هو الخطر إنما المؤسسة الإسرائيلية برمتها يسارًا ويمينًا هي مؤسسة معادية وعنصرية ضد العرب وحقوقهم وكيانهم القومي". وفي الإطار النضالي العربي الفلسطيني المناهض تتسع مساحة المعارك والتصدي مع مشاريع الاحتلال التهويدية التي لا تعرف حدودا او خطوط حمراء او صفراء...كما تتسع مساحة التحديات اليومية التي يواجهها عرب 48. * تحديات استراتيجية في هذا السياق وحسب احدث التقارير العربية فان عرب 48 يواجهون في هذه الآونة وفي الذكرى الثالثة والثلاثين ليوم الارض تحديات يمكن تصنيفها بالتحديات الاستراتيجية، تتطلب وضع تصورات وخطط بديلة لمواجهتها، وابتكار آليات نضالية جديدة وتطوير الآليات الحالية والتحديات وفق الباحث الفلسطيني مهند مصطفى هي التالية : 1- التحدي الأول : تنظيم الأقلية العربية : لقد كتب الكثير عن هذا الموضوع كما وتم عرضه للنقاش والحوار في اكثر من محفل سياسي و أكاديمي عربي إلا أن اهل فلسطين وبعد 61 عاما على تهجير الشعب الفلسطيني وفرض المواطنة عليهم، 33و عاما على يوم الأرض الخالد بكل ما يحمل من دلالات تاريخية، لا مجال لتفصيلها الان، ما زالوا يبحثون عن إعادة بناء وتنظيم الأقلية العربية، رغم أن الدلالة لهذا المفهوم لا تزال غير واضحة لتنوع الرؤى والتصورات لعملية إعادة البناء، وآلية إعادة البناء. 2- التحدي الثاني : الوجود العربي في النقب :اما قضية النقب فلم تعد قضية بقاء فقط، بل تحولت إلى مسألة الوجود العربي في النقب في خطر، فنصف سكان النقب يعيشون في 46 قرية غير معترف بها من القانون الإسرائيلي، رغم اعتراف التاريخ والأرض والذاكرة بها، فهناك تتم عملية تهويد، ففي الوقت الذي كانت تتم فيها عملية تهويد الجليل ومصادرة الأراضي، صودرت ملايين الدونمات في النقب، وسجن سكانها وراء سياج كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بذوي الأصول اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. ان تحدي النقب بالنسبة لعرب 48 هو تحدي وجودي من الدرجة الأولى، ربما لم يواجه العرب هناك تحديا وجوديا مثله منذ العام 1948 بعد عملية التهجير، ويحتاج النقب إلى مواجهة حقيقية جدية من خلال ابتكار آليات نضالية وعملية تصل إلى مستوى التحدي الوجودي للأهل في النقب. 3- التحدي الثالث: تهجير في المثلث : نشر قبل سنوات دراسة مستفيضة عن مشروع التبادل السكاني وتعديل الحدود كجزء من الحل النهائي بين الفلسطينيين وإسرائيل، ورغم ما توصلت له الدراسة أن فكرة الولاء مقابل الحقوق هي المسيطرة على العقلية الإسرائيلية كما حددها شارون في السنوات الأخيرة، فان عملية انتقال الخطاب الترانسفيري من هامش الخارطة السياسية إلى مركزها، يضع هذه المسألة في صلب التحديات الاستراتيجية للأقلية العربية الفلسطينية، مسألة نزع المواطنة وفصل الجماهير العربية في المثلث عن امتدادها الاجتماعي، والثقافي والسياسي في الجليل والمثلث والنقب والساحل. إضافة إلى تصفية مسألة المهجرين والأرض، لم تعد هامشا في الخطاب السياسي الإسرائيلي، فقد طرحت خطة كهذه بشكل عملي ومدروس وعلني لأول مرة في مؤتمر هرتسليا، لقد طرحت ولا تزال في أعلى المستويات السياسية والاستراتيجية، ولذلك ليس المطلوب التصدي لهذه الأفكار ببرنامج عملي آني ويومي، ويعمل عرب 48 على أعداد خطط عملية مستقبلية للتصدي. 4- التحدي الرابع: الخدمة "الوطنية " : ما يميز هذا التحدي عن باقي التحديات انه تحدي أخلاقي وانتمائي وثقافي وليس وجودياً ملموساً، ولكن آليات التصدي له هي آليات ملموسة، إنها ذروة التشوه الأخلاقي الذي قد يصيب أقلية اصلانية في صلب وجودها وثقافتها، ولكن هذا المشروع كونه مشروع الولاء مقابل الحقوق، وهو المشروع الشاروني للحفاظ على يهودية الدولة، فهو تحدي آني ويومي لعرب 48 ويحتاج إلى آليات مواجهة يومية، على عكس التحدي الثالث. 5- التحدي الخامس: العنف والتفكك في المجتمع :ما يميز هذا التحدي عن باقي التحديات، انه تحد داخلي، وباقي التحديات ترتبط بمعادلة العلاقة بين العرب والدولة، أما هذا التحدي فهو يرتبط بعلاقاتهم مع بعضهم البعض، وهو يحتاج آليات مواجهة مختلفة عن الآليات السابقة ". * مرتكزات السيطرة الاحتلالية استتباعا...فان الذكرى الثالثة والثلاثين ليوم الارض هي من ضمن ما تعنيه من معان واسعة عبارة عن احياء وانعاش للذكرى والذاكرة الفلسطينية، وتذكير متجدد بتلك السيطرة الاستراتيجية الإسرائيلية على فلسطين 48 التي تواصل حكومة الاحتلال العمل بها عبر المرتكزات التالية: 1 - السيطرة الجغرافية الكاملة المطلقة، بمعنى تهويد كل الارض والجغرافيا الفلسطينية. 2 - السيطرة الديمغرافية السكانية بمعنى محاصرة السكان العرب في مدنهم وقراهم وتضييق الخناق عليهم، والعمل بشتى الوسائل على اجبارهم على الرحيل عن وطنهم. 3 - السيطرة الاقتصادية التي تعني في الجوهر تدمير مقومات الاقتصاد العربي المحلي وابقاء العرب اجراء في العمل الاسود فقط. 4 - السيطرة على التربية والتعليم.. والسيطرة على السياسة والاعلام * سياسة التفكيك والعبرنه اما مرتكزات السيطرة الاستراتيجية الإسرائيلية على عرب 48 فهي اعتماد سياسة التفكيك المستمر والحيلولة دون وحدة المجتمع العربي، وتكريس سياسة التجهيل الاعلامي والسياسي والتعليمي والثقافي وتكريس هيمنة الاجهزة الامنية الإسرائيلية على المدن والقرى العربية. وقد ربطت دولة الاحتلال ربطا وثيقا ما بين الجغرافيا والديمغرافيا في صراعها مع الوجود العربي هناك، فعملت من جهة على "عبرنة" و"تهويد" الجغرافيا ومصادرة الارض وعملت وما تزال من جهة ثانية على محاصرة السكان والغاء حقوقهم ومقومات وجودهم ودورهم.. فكانت عمليا حربا إسرائيلية شاملة على الوجود العربي في الوقت الذي كان اهلنا هناك يسطرون مسيرة صمود وبقاء توجت اولا بانتفاضة يوم الارض في الثلاثين من اذار، 1976 ثم استكملت ثانيا بسلسلة اخرى من الانتفاضات والهيئات الشعبية التي كان اقربها مشاركة عرب 48 في انتفاضة الاقصى،2000. وفي اطار الحرب التهويدية للجغرافيا الفلسطينية وثق احدث كتاب فلسطيني للدكتور شكري عراف ابن قرية معليا في الجليل "ان الحركة الصهيونية تواصل منذ نحو 120 سنة، وتواصل "إسرائيل" من بعدها "عبرنة" اكثر من ثمانية الاف اسم لمواقع جغرافية فلسطينية منها نحو 5000 موقع جغرافي وبضع مئات من الاسماء التاريخية". ويؤكد الكتاب الذي حمل عنوان: "المواقع الجغرافية في فلسطين - الاسماء العربية والتسميات العبرية" "ان نحو 50 اسما عبريا فقط كانت موجودة في فلسطين التاريخية قبل غزو الصهيونية اليها، بينما قامت الحركة الصهيونية "و"إسرائيل" بـ "عبرنة" حوالي %90 من المواقع الجغرافية الفلسطينية". |